.ماهو مرض الدَّوالِي:👇
في كلِّ جُزءٍ من جَسَدِ الإنسانِ آيَةٌ تَدُلُّ على عَظَمَةِ الخَالِقِ. ومن هذه الآيَات: شبكةُ الأوردةِ التي تَحمِلُ الدَّمَ بَعد أن يُؤدِّيَ دَورَه، عائدًا إلى القلبِ. ولكن، مَاذا يَحدُثُ إذا تَعَطَّلَت هذه المَنظومَةُ؟ وماذا لو انتَفَخَت الأوردةُ وتَعَرَّجَت تحت الجِلد؟ حينها نَكونُ أمامَ مرضِ الدَّوالِي.
🩺 مَا هُوَ مَرَضُ الدَّوَالِي؟
الدَّوالِي هي تَوسُّعٌ وَتَضَخُّمٌ وَتَعَرُّجٌ يُصِيبُ الأوردةَ، خاصَّةً في الأَطرافِ السُّفلى كالسَّاقَينِ.
في الوَضعِ الطَّبيعيِّ، تَحمِلُ الأوردةُ الدَّمَ من الأنسِجَةِ إلى القَلبِ، وتَمنَعُ الصِّمَامَاتُ الصَّغِيرَةُ داخِلَها رُجُوعَ الدَّمِ إلى الخَلْفُ.
لكن، عندما تَضعُفُ هذه الصِّمَامَاتُ أو تَتَلفُ، يَتَجَمَّعُ الدَّمُ داخلَ الوريدِ، فيَزدَادُ الضَّغطُ عليهِ، مِمَّا يُؤدِّي إلى تَوسُّعِهِ وبُرُوزِهِ إلى الخارجِ على شَكلِ خُيُوطٍ زَرقَاءَ أو أرجُوانيَّةٍ مَرئيَّةٍ للعينِ المُجَرَّدَةِ، وغالبًا ما يَصاحبُها أَلَمٌ أو ثِقَلٌ أو تَورُّمٌ.
---
🔍 أَسْبَابُ الدَّوَالِي (بتَوسُّع):
١. الوراثَة (العَوامِلُ الجينيَّة):
إذا كان أحدُ أفرادِ العائِلةِ يُعاني من الدَّوالِي، فاحتمالُ الإصابةِ يَرتفعُ. العواملُ الوراثيَّةُ تُؤثِّرُ في قُوَّةِ جُدرانِ الأوردةِ وصِمَاماتِها.
٢. الوقوفُ أو الجلوسُ المُطوَّل:
يَمنَعُ الحَرَكَةَ الطبيعيَّةَ للدَّمِ ويُسَبِّبُ تَراكُمَهُ في الأوردةِ. العَمال الذين يَقضُون ساعاتٍ طَوِيلةً واقفينَ أو جالِسينَ هم الأكثرُ عُرضَةً للإصابةِ.
٣. الحمل:
يَزدادُ حجمُ الرَّحِمِ أثناءَ الحَملِ، مِمَّا يُضَاعِفُ الضَّغطَ على الأوردةِ في الحَوضِ والسَّاقينِ. كما أنَّ التغيُّراتِ الهرمونيَّةَ تُؤثِّرُ على جُدرانِ الأوردةِ وتَرخِيها.
٤. التقدُّم في السِّن:
مَع التقدُّمِ في العُمرِ، تَفقِدُ الأوردةُ مَرونَتَها، وتَضعُفُ صِمَامَاتُها، مِمَّا يُؤدِّي إلى خَلَلٍ في حركةِ الدمِ.
٥. السُّمنة:
زيادةُ الوَزنِ تُسبِّبُ ضَغطًا مُتزايدًا على الأوردةِ، خاصَّةً في السَّاقين.
٦. نَقصُ الحَرَكَةِ:
الجُلوسُ لفتراتٍ طَوِيلَةٍ دون مُمارسةِ الرِّياضَةِ يُساهِمُ في بُطءِ الدَّورَةِ الدمويَّةِ.
٧. استخدامُ مَوانِعِ الحَملِ أو التغيُّراتِ الهرمونيَّة:
الاستروجين يُضعِفُ الأوردةَ، مما يُفسِّرُ ارتفاعَ الإصابةِ بين النِّساء.
---
⚠️ أَعْرَاضُ الدَّوَالِي :
أَوردةٌ مَرئيَّةٌ تحت الجِلدِ، غالبًا ما تَظهَرُ مُمَوَّجَةً أو مُتَعَرِّجَةً.
أَلَمٌ أو حُرقةٌ أو ثِقَلٌ في السَّاقينِ، يَزدادُ بَعد الجُلوسِ أو الوقوفِ طَويلًا.
حُكَّةٌ في المَنطِقةِ المُحيطةِ بالوريدِ.
تَورُّمٌ في الكاحلِ أو السَّاق.
تَغَيُّراتٌ في لونِ الجِلدِ، خاصَّةً إلى البُنِّي أو الأُرجُوانِي.
تَقرُّحاتٌ أو جُروحٌ صَعبَةُ الشِّفاءِ في الحالاتِ المتقدِّمَة.
---
💡 مَضَاعَفَاتُ الدَّوَالِي (إذَا تُرِكَت بِدُونِ عِلاج):
الالتهابُ الوريديُّ السَّطحيُّ: ويَشمَلُ احمرارًا وألمًا في مَجرَى الوريد.
الجلطاتُ الدمويَّة (الخُثار الوريدي): خُصوصًا في الأوردةِ العَميقَة.
النزيف: إذا تَعرَّض الوريدُ المُتورِّمُ لِجرحٍ.
القرحةُ الوريديَّة: جُرُوحٌ تَتكوَّنُ عادةً عند الكاحلِ بسببِ ضَعفِ تدفُّقِ الدم.
---
💊 العِلاجُ :
أولًا: 🏃♀️ العِلاجُ التَّحفُّظِيُّ (غير الجراحي):
ارتداءُ الجواربِ الضاغطةِ: تَعمَلُ على ضَغطِ الأوردةِ وتحفيزِ حركةِ الدمِ.
الرِّياضَةُ المنتظمةُ: خُصوصًا المَشيُ، والدَّرَّاجَةُ الثابتَةُ.
رَفعُ السَّاقينِ: فوق مستوى القلبِ لتحسينِ رجوعِ الدمِ.
تَجنُّبُ الحَرارَةِ العاليَةِ: مثل الحمَّاماتِ الساخنةِ أو الساونا.
النِّظامُ الغذائيُّ المتوازنُ: تقليلُ الملحِ، وزيادةُ الأليافِ لتقليلِ الضَّغطِ البطنيِّ.
ثانيًا: 🧬 العِلاجُ الطِّبِّيُّ والتَّدخُّلي:
العِلاجُ بالليزرِ: يُستخدَمُ لتَدميرِ الوريدِ بإشعاعٍ دقيقٍ.
العِلاجُ بالتَّصليبِ: حَقنُ الوريدِ بمَادَّةٍ تُؤدِّي إلى انكماشِهِ وانغلاقِهِ.
العلاجُ بالتَّرددِ الحراريِّ أو الليزرِ الباطنيِّ : عَبرَ إدخالِ أليافٍ داخلَ الوريدِ لتَسخِينِهِ وانكماشِهِ.
الجِراحَةُ: مثل التَّجريدِ الوريديِّ أو رَبطِ الوريدِ، وتُجرى في الحالاتِ المُتقدِّمَةِ فقط.
---
🌟 نِصَائِحُ لِوِقَايَةِ الدَّوَالِي:
حافظْ على وَزنِكَ في النِّطاقِ الصحِّيِّ.
قُم بالحَرَكَةِ كُلَّ ٣٠ دقيقَةٍ إن كنتَ جالسًا أو واقفًا طويلاً.
لا تَرتدِ مَلابِسَ ضَيِّقَةً حول الخَصرِ أو الرُّكبتينِ.
تَناوَلِ الخُضرواتِ الغنيَّةَ بالبوتاسيومِ والمغنيسيومِ.
اجعلِ الرِّياضَةَ جُزءًا مِن رُوتينِ حياتِكَ.
شرب المياة بكثرة.
وفي الختام:
تَذكَّر أنَّ كُلَّ مرضٍ هو فُرصَةٌ للعِنايَةِ بالجَسَدِ، وللتأمُّلِ في دِقَّةِ خَلقِ اللهِ.
الدَّوالِي ليست نهايةَ الطريق ، بل نُقطةُ تنبِيهٍ نحو نَمَطِ حياةٍ أصَحّ، وعَادَاتٍ جَديدةٍ تَضمَنُ لكَ راحَةَ الجِسمِ وصفاءَ الرُّوحِ.
فاحمَدِ اللهَ على نِعمةِ الجَسَدِ، وتَذكَّر قولَه تعالى :
.وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيف
تعليقات