بيقولوا الجمال نعمة.. لكنه بالنسبة لي كان أكبر لعنة ممكن تصيب إنسان .
اسمى نور.. بعتبر نفسي من الناس اللى ليهم نصيب من اسمهم، عندى ٢٣ سنة، ساكنة فى الجيزة، وجميلة للدرجة اللى خلت العرسان تجري ورايا من وأنا في إعدادي تقريباً ويحاولوا يكسبوا ود والدي .
ممكن كلامي يتفسر على إنه غرور رغم إني أبعد ما يكون عنه.. صحيح وصلت في فترة من الفترات لدرجة كبيرة من الإعجاب بنفسي خلتني مش مستوعبة فكرة إني ممكن أوافق على أي حد بسهولة، لكني واثقة إنه ماكنش غرور إطلاقاً، بل سبب تاني مايصدقوش طفل ساذج حتى .
ماكانش فيه يوم بيعدي غير لما يزورنا ناس عايزين يجوزوني لابنهم، وكل مرة برفض.. تقريباً كنت بشوف العرسان أكتر ما بشوف أهلي بسبب تقاليد سخيفة إني لازم أخرج للعريس بالعصير وأهله يشوفوني حتى لو مش موافقة وبعدها يتصلوا بوالدي ف يقول لهم مفيش نصيب .
يمكن الموضوع ده كان مزعج لحد ما حصل اللى حصل .
من ٤ شهور زارتنا واحدة ست اسمها زينب.. فى الستينيات تقريباً.. لابسة أسود.. وعايزة تخطبني لابنها..
تقريباً دي كانت أول واحدة تزورنا من غير ابنها اللى قالت وقتها إنه بيشتغل في أوروبا ولو حصلت موافقة أتخطب له وبعدها بفترة هينزل يتجوزني وأسافر معاه .
تقريباً دي كانت أسخف طريقة ممكن أتخيل إني أتجوز بيها.. والدي رفض من غير ما يديها فرصة تورينا صورته حتى.. قال لها ماعندناش بنات للجواز من غير ما يستناها تشرب العصير حتى، ومشيت يومها مكسورة الخاطر .
بعدها بيومين اتفاجأنا بيها تاني.. نفس الست، بنفس اللبس، وبملامح جامدة المرة دي، ووقتها والدي من ع الباب قال لها نفس الجملة من قبل ما تخش حتى.. "ماعندناش بنات للجواز"
الغريب إنها مايئستش.. ماعداش أسبوع عشان نتفاجئ بيها بتزورنا للمرة التالتة، وقدام إصرارها الشديد ع الدخول والدي ماقدرش يكسفها.. دخلت، وأصرت تشوفني فخرجت لها، لكن الغريب إنها كانت ساكتة.. لفترة طويلة .
فجأة طلبت توريني صورة ابنها، وقدام إصرارها الشديد ماقدرتش أرفض.. كانت صورة ورقية لشخص شكله مألوف جداً، وفيها دبوس من فوق .. شفتها وشاورت لها تاخد الصورة ف قامت شدتها مني بعنف .. اتعورت وقمت أصرخ فيها زى المجنونة ..
- اطلعي بره يا ست انتى.. ابنك لو آخر راجل في الدنيا مش هتجوزه .. سيبينا في حالنا بقى قرفتينا يا شيخة.. كفاية !!
أخدِت الصورة مني مليانة دم، وبعدها بصت لوالدي بملامح جامدة ونطقت أخيراً..
- بنتك اتكتبت لابني ، ومفيش حاجة في الدنيا ممكن تغير ده .
قالت الجملة السخيفة دي ومشيت من غير ما تعتذر حتى .
عمري ما هنسى الليلة دي .. نمت معيطة، وصحيت قبل الفجر عطشانة ف اتفاجئت بباب بلكونتي مفتوح ، وشخص غريب واقف فيها مش ظاهر غير ضهره ..
صرخت وقتها لكن محدش سمعني ، ماقدرتش حتى أتحرك من مكاني من الصدمة .. والصدمة الأكبر كانت لما لف وشه وبصلي.. الشخص نفسه اللي في الصورة.. ابن الست الغريبة نفسها.. بيقرب مني ويهمس بصوت سمعته من كام ساعة ووداني عمرها ما تغلط فيه .
كان صوت والدته بيرن في وداني ..
- انتى اتكتبتي لي.. مفيش حاجة في الدنيا ممكن تغير ده .
قال لها واختفى كأنه ماكانش موجود من الأساس، وسابني بحاول أستوعب اللي حصل لدقايق .. بعدها جريت على والدي أقول له اللي حصل.. أنا متأكدة إني قفلت باب البلكونة قبل ما أنام، ولما والدي جه معايا يشوف اللي حصل اتفاجئ إنه مقفول فعلاً ووقتها كلامي اتفسر على إنه مجرد تهيؤات.. خاصةً وإننا ساكنين في الدور الخامس ومن المستحيل إنه شخص يوصل للإرتفاع ده غير من السلم ويدخل من باب البيت وده مستحيل لأنه متأكد إنه قافله كويس .
أنا متأكدة إن ده حصل .. مش مجرد تهيؤات ولا هلاوس، لكني اضطريت أتجاوز الموضوع ليلتها بعد ما شكلي بقى وحش قدامهم .
الغريب إنه الموضوع اتكرر كذا مرة في كذا ليلة ورا بعض.. لحد ما والدتي قررت تنام معايا عشان تشوف هل ده بيحصل فعلاً ولا أنا اتجننت ولا إيه بالظبط !
وقتها شافت الكارثة بعينها .. الشخص ده ظهر بدري ليلتها ، وقرَّب من والدتي مش مني ونطق بجملة واحدة بس ..
- نور اتكتبت لي، ومش مسموح لحد يغير ده !
قال لها واختفى.. ووالدتي هتموت من الرعب .. والباب اتقفل زى كل مرة كأنه ما اتفتحش من الأساس .
والدي صدَّق أخيراً.. قلت له وقتها إني مش هقدر أخش الأوضة دي تاني مهما حصل .. الأغرب إني بدلت أوضتي بأوضتهم والموضوع استمر .. كنت عايشة في فيلم رعب صنعته الست المجنونة دي بمشاركة ابنها ..
بعد زيارات لا تنقطع من ناس أشكال وألوان بيتنا بقى أشبه بمكان مهجور .. مفيش حد في الفترة دي قرر يزورنا سواء كان عشان يتقدم لي أو حتى يزورنا لمجرد الزيارة .
بعد كل الرعب ده كان لازم والدي يستجيب لطلباتي في النهاية .. كان لازم نسيب البيت وننقل .. سيبنا المحافظة كلها وانتقلنا القاهرة في مدينة نصر تحديداً على أمل إن دي تكون نهاية المسرحية الهزلية اللي طيرت النوم من عيني أغلب فترات الشهر .
للأسف مفيش حاجة اتغيرت .. نفس الموضوع بنفس التفاصيل كان بيتكرر كل ليلة ، لدرجة إن من خوفي كان والدي ووالدتي بيتناوبوا على النوم معايا .
حياتي بقت أشبه بجحيم ،
وكذلك أهلي معايا ، وبيتنا بقى مكان مخيف جداً لأبعد الحدود .. فاكرة كويس تاني يوم لينا في الشقة الجديدة لما الجرس رن ووالدي خرج عشان يلاقي ورقة مكتوب فيها نفس الجملة اللى قالتها الست الغريبة أول مرة ، وكررها من بعدها ابنها كل ليلة كان موجود فيها .
لما الموضوع زاد عن الحد قرر والدي يتدخل أخيراً ..
أخدني لشيخ في منطقتنا الجديدة قال إن حل اللي احنا فيه ده عنده ..
وافقت ورحت معاه زي الغرقان اللي بيتعلق في قشة ، وقتها أول ما شافني اترعش ، وسألني لو كنت شاكة في حد ف قلت له ع الست دي من غير تردد ، وحكيت له عن كل حاجة عملتها الست دي وصولاً لابنها المخيف ، والرسالة الأخيرة .. لكنه من وسط كل الكلام لما سمع موضوع الصورة وإنها عورتني رجع يترعش تاني ، وقال إن الحل الوحيد للي بتشوفيه إن الصورة دي لازم تتحرق .
يمكن فكرة إننا نلاقي الست دي تاني وناخد منها الصورة كانت أشبه بواحد بيدور على إبرة في كوم قش ، لكن والدي مايئسش ..
قرر يرجع منطقتنا القديمة في الجيزة وأصريت أروح معاه .. وبدأ يسأل عن الست دي لحد ما واحد من جيراننا اسمه ربيع عرفها من وصف والدي واعطاه عنوانها ، ورغم إنه حذرنا أكتر من مرة من الست دي وإنها مش طبيعية إلا إن والدي مانتبهش لكل ده وقرر يروح لها، وأنا معاه .
بيتها مهجور ، وشكله غريب لأبعد الحدود .. مخيف .. لكنها كانت ودودة معانا جداً واستقبلتنا أحسن استقبال .. كل ده كان قبل ما تتكلم عن ابنها ..
- اسمه مروان .. خريج هندسة .. وميت من ٥ سنين في حادثة سير . وقالت قبل ما يموت بأيام وعدته أني هجوزه أجمل بنت في المنطقة ، لكنه مات وسابني بحسرتي .. ووعدي ال منفذتوش !
سمعتها وبقيت زي المجنونة .. الست دي لا يمكن تكون طبيعية ، مش متخيلة إنها كانت عايزة تجوزني لواحد ميت .. صرخت فيها ..
- عقبال ما تموتي انتي كمان وتريحينا من شرك ، وتروحي تكملي جنانك ده مع ابنك مش معايا .
قلتها بلا وعي قبل ما تبص هي لوالدي بهدوئها المعتاد المخيف وتهمس ..
- ابني مش ميت .. روحه عايشة وسطنا ، ومعانا حتى دلوقتي .. ابني متجوز بنتك !
قالتها وطلعت الصورة نفسها وبدأت تبص فيها بابتسامة عريضة وتشاور لي .. قربت أشوفها لاقيت العجب .. كانت نفس الصورة بس الأغرب إن ابنها مش لوحده .. كنت أنا معاه .
صحيح إني كنت مرعوبة لدرجة إن رجلي ماكانتش شايلاني ، لكني تظاهرت بعكس ده ، وقربت منها بهدوء ، وفي لحظة سحبت الصورة من إيدها بسرعة وجريت ناحية الباب ، ووالدي من ورايا ، لكن الباب وقتها ما فتحش رغم كل محاولاتناو.. كل دا وهي قاعدة من غير ما تحرك ساكن .. لحد ما قامت من مكانها فجأة ، وبدأت تقرب مننا ببطئ .. شكلها بقى بشع ، وجلدها بدأ يقع .. بمعنى أصح كانت بتتحول لمسخ ، وكل خطوة بتاخدها ناحيتنا كانت بتقتلنا حرفياً من الرعب .. واقفة ماسكة الصورة بإيدي الاتنين معنديش استعداد أسيبها .. ووالدي واقف قدامي مستني قطر الموت يعدي من فوقه قبل ما يوصلني ، لكنه ع الأقل كان عايز يكون حائط الصد الأول قدام بنته زي ما كان طول عمره ..
بدأت تقرب أكتر لحد ما فجأة صوت عربيات الشرطة ملا المكان ، وفي لحظات كان الباب مكسور وقوات الشرطة ملأ المكان وماسكين الست دي ، ومن وراهم ربيع جارنا دخل يطمن علينا ..
- ماقدرتش أمنعك تروح بعد إصرارك ، لكني كان لازم أتدخل .. مفيش حد دخل المكان ده وخرج عايش .. غيركم .
قالها وخرجنا كلنا ، وقبل ما نروح في أي حتة حرقت الصورة دي بغل لآخر جزء فيها ، ومشينا ، وبعدها كل حاجة رجعت لطبيعتها .
يمكن عدد الناس اللي اتقدمت لي بعدها كان كبير جداً .. لكني كنت حاسمة قراري .. اللي جرب يتجوز ميت لا يمكن يجرب الجواز بعدها تاني ..
تعليقات