..قصه بنت حرام كامله 🤍🌟
الكاتب احمد مجدي ابراهيم
نزلت دموعي على الرغم مني في يوم زفافي
نزلت دموعي في يوم زفافي
كلمات هناء هانم اخترقت قلبي كما الخنجر القديم الذي ملأ كل جوانبه الصدأ
لو كانت الكلمات تدمي الجسد لصار فستان زفافي الأبيض أحمر اللون من لون دمي
نظرت لها فوجدت نظراتها جامدة كما الثلج
بلعت ريقي وقلت لها
"أمير يعلم كل شيء عن ذلك وهو الذي أصر على الزواج مني
أنا لم أتقدم للزواج منه بل ابنك هو الذي فعل
لو كان هذا الزواج خطأ فهو خطأ ابنك وليس خطأي أنا"
ضحكت هناء هانم في سخرية وقالت
"توقفي عن هذا التهريج هذا ليس موعد المسلسل التركي
كيف لفتاة مثلك أن تعلم شيئا عن الخطأ
أنتِ بنت حرام يا منى
ألا تستوعبين معنى تلك الكلمة؟"
اهتزت الأرض من تحت قدمي وجلست على أقرب كرسي
والكلمة ترن في أذني مرارا وتكرارا
"إنتِ بنت حرام يا منى"
واصلت هناء هانم الكلام وقالت وهي تخرج من الغرفة
"تلك الزيجة لن تحدث أبدا"
تركتني وحيدة في الغرفة ودموعي تنهمر بلا كلل
تذكرت كل أحداث الماضي واسترجعت شريط حياتي وذكرياتي
أنا منى عبد الله عبد الرحمن
هذا ليس أسمي الذي ولدت به بل هو الاسم الذي اختارته لي مديرة الملجأ الذي تربيت فيه
كل اللقطاء ومجهولين النسب يتم تسميتهم حسب أهواء مدير الملجأ
لقد تم العثور عليًّ وأنا طفلة ابنة يوم واحد فقط في لفافة أمام باب جمعية خيرية وملحق بها ملجأ
أشفقت على مديرة الملجأ وصاحبة الجمعية الخيرية وكنت أول اللقطاء المنتسبين للملجأ وأخرهم
كان ملجأ الرحمة هو أحد الأنشطة الخيرية التي تعمل على كفالة الأطفال اليتامى والفقراء في منطقة شعبية في ضواحي القاهرة
ولكن من رماني هناك لم يكن يعلم هذا
لماذا لم يقتلني أو يلقيني في النهر؟
أما كان هذا أسهل له؟
بدلا من كوني بنت لقيطة وحيدة في ملجأ صغير
بنت الحرام تربيت على فضلات الرعاية والاهتمام التي يقدمها المحسنون والمتبرعون
كان الجميع يعلم أنني بنت الحرام التي تخلى عنها ابوها وامها والعالم بسبب جريمة لا تعلم عنها شيئا
هي التي يرفض الجميع الاقتراب منها لأنها ربما تحمل دنس أب مجهول وفجور أم لا تخلت عنها
ترى هل أصبحت حياة أهلي الحقيقيين أفضل بعد أن تخلصوا مني؟
من رحمة الله بالبشر أنني كنت خيالية صنعت من دبدوب صغير صديق يتكلم معي واسميته وحيد
في مرة سألني صديقي الدبدوب وحيد
"لماذا تكرهين حياتك؟"
جاوبته وقلت
"لأنني أحمل لقب بنت الحرام
أنا أول المتهمات إذا ضاع أي شيء.
أول من يقع اللوم عليها وأول من تعاقب إذا كان العقاب جماعي.
أنا أخر من تجلس على مائدة الأكل وأخر من تلبس وأخر من يتم الالتفات لها"
لقد ساعدني صديقي الدبدوب كثيرا
معه تعلمت الكتابة والقراءة
وكان أول ما تعلقت به بعد الدبدوب مكتبة الجمعية الخيرية
تلك الرفوف المكتظة بالكتب والدراسات المختلفة في شتى العلوم الدينية
وهناك كتب كبيرة في الشعر والأدب واللغة
وكان هناك بعض الروايات والقصص المختلفة
كانت تلك المكتبة هي عالمي الخاص مع وحيد الذي عشت فيها أجمل ساعات حياتي
وساعدتني مديرة الملجأ على الحصول على إجازة في القرآن الكريم وختمت حفظه كاملا
ومع هذا لم أخرج من الملجأ أو الجمعية للحياة الخارجه
ولم تتوقف نظرات الإتهام لي ولم يتوقف التنمر لحظة واحدة
بل كنت أسمع البعض يقول
"بنت الحرام ترتدي ثوب الراهبات"
لم يكن نظام التعليم الحكومي أو النظامي في الجمعية يسمح بالانتقال للثانوية العامة
لذلك قد تخرجت في مرحلة الدبلوم الفني
ومع الوقت لاحظت مديرة الدار نبوغي وتفوقي في اللغة العربية
ولذلك أسندت لي مهمة تعليم الأطفال في الجمعية اللغة العربية وتحفيظ القرآن الكريم
فرضت على نفسي العزلة هربا من نظرات الناس واتهاماتهم
كنت أعيش كما الأميرة المسجونة في غرفتي في الملجأ
لا أخرج إلا إلى المكتبة أو فصول التدريس الخاصة بي فقط
كنت أصلي و استنجد بالله دائما أن يرعاني وأن يساعدني على تحمل تلك الحياة
وأن يمنحني القوة على العطاء ومواجهة الناس أو أن يقبضني إليه سريعا راضيا عني
وفجأة ظهر أمير في حياتي
عندما طلبتني المديرة إلى غرفتها لتقدم لي أمير ابن رجل الأعمال الراحل صالح علوي
قالت لي المديرة
"الأستاذ أمير يريد أن يتبرع إلى الجمعية بمبلغ كبير بشكل منتظم
وهو يريد أن يتحرى الدقة في كل المبالغ التي يدفعها أن تصل إلى المستحقين
ولذلك أسندت لك تولي أمور الدفاتر والكشوفات الخاصة بكل حساباته"
وافقت ورحبت به واتفقت معه على كافة التفاصيل
في البداية كان اللقاء روتيني وبسيط جدا
كان يتبرع بسخاء ودائما ما يتحدث عن طموحاته وأحلامه في منح الفرص لمستحقيها
كان شاب وسيم ورياضي وعلى خلق عالي
كان يأتي مرتين في الشهر تقريبا لمدة ساعتين فقط
وفي إحدى المرات تجرأت وسألته
"هناك الكثير من الجمعيات الكبيرة والمعروفة التي تتولى تلك الأمور وتتحمل عنك ذلك العبء
لماذا تقوم بنفسك بذلك؟
ولماذا تهتم بتلك الجمعية على وجه التحديد؟"
قال لي مبتسما
"الفقراء هم من لا يسألون الناس إلحافا و يتعففون عن السؤال
وأنا لا أثق في أي مؤسسة خيرية تصنع الدعاية والبروباجندا
وأؤمن أن الخير يستحق السعي والجهد حتى يكون الثواب أكبر
وأنا مهتم بأكثر من جمعية فعلا"
شعرت بالحرج ولكن هدوء الاستاذ أمير أجبرني على الابتسام وتقبل كلماته الودودة
شهور مرت وأنا على حالي وفجأة جاء الأستاذ أمير على غير العادة وطلب الحديث معي
كنت أظن أن هناك مشكلة ما في الكشوفات أو أحد الحسابات ولذلك ذهبت له مسرعة ولكن كانت صدمتي كبيرة عندما قال
"استاذة منى
هل تقبلين الزواج مني؟
لقد وجدت فيك الزوجة الصالحة التي تستطيع أن تصون زوجها وبيتها وعرضها
بالإضافة إلى الجمال والأدب والحجاب الجميل والخلق الدمث والدين
وقد قال الرسول الكريم "فاظفر بذات الدين تربت يداك""
وقفت كما التمثال لم أنبس بكلمة واحدة
واصل الأستاذ أمير كلامه وقال
"واضح ان الموضوع كان مفاجأة لك
سوف أترك لك يومان للتفكير في هذا الموضوع"
هم الأستاذ أمير بالإنصراف وقبل أن يغادر المكتب قلت له
"أستاذ أمير لحظات من فضلك
أولا لا بد أن تعرف بعض الأشياء
أنا لست موظفة أو عاملة هنا في الجمعية
انا لست فتاة فقيرة يرد الأمير الوسيم الزواج منها
انا ابنة ذلك المكان حرفيا لأنني لا أعرف أب ولا أعلم أم
أنا ابنة خطيئة تم التخلص منها في يومها الأول ويقولون عني ابنة الحرام .."
فجاة قال الأستاذ أمير يقاطعني
"أعلم كل هذا وكلنا أبناء الله الغفور الرحيم العدل
الله الذي لا يكلف نفسا إلا وسعها ولا يحملنا ما لا طاقة لنا به
وأنتِ تعلمين أنه لا تزر وازرة وزر أخرى
وكل هذا الكلام الذي يدور في عقلك لا يزيدك إلا جمالا وقوة عندي
أرجوك يا أنسة منى أن تفكري في كلامي
لقد جئتك بنفسي وأرجو أن تقبلي"
انصرف الأستاذ أمير ودخلت المديرة التي سألتني عن تلك الزيارة غير المعتادة
فقلت لها كل شيء وكانت صدمتها أكبر من صدمتي ولكنها نصحتني بالموافقة
صليت استخارة كثيرا وفكرت أكثر وبعد أيام جاء الأستاذ أمير وسألني عن ردي
أجبت بالقبول والموافقة وكان رد فعله أغرب ما حدث
لقد وقف وسجد شكرا لله وبرقت عيناه من الدموع وعندما وقف قال
"لن أنتظر كثيرا ليكن الخميس المقبل كتب الكتاب والدخلة
إذا ما وافقتي طبعا"
نظرت له في فزع
"ماذا تقول
إنه زواج وليس بيض مسلوق
أنا إن وافقت فسوف أحتاج إلى وقت حتى استعد نفسيا أولا
ثم بعد ذلك أفرض عليك شروطي
هل تعلم أنا لن أقبل بشقة أقل من 200 متر وأن يكون بها غرفة خاصة بها مكتبة ضخمة"
ضحك من كلامي وقال
"بل سوف نسكن في فيلا كبيرة عريضة 1000 متر بها جنينة وغرفتين مكتب"
سألته في اهتمام
"ماذا سوف يقولون عن هذا الزواج في العائلة؟"
انطفأت علامات السعادة من على وجه أمير وقال
"لا توجد عائلة لقد مات والدي منذ خمسة عشر عام كما تعلمين
ولقد تسلمت الميراث منذ سنوات قليلة عندما أكملت 21 عاما
وبالنسبة لأمي هناء هانم فهي دائما على سفر لا تطيق الحياة في القاهرة
لي فقط 3 عمات على خلاف مع أمي بسبب الميراث
المهم أنك منذ تلك اللحظة كل حياتي"
وقتها شعرت بالقلق والخوف
لقد تعودت على الصدمات والحياة التعيسة
لم اكن متعوده على الفرح مطلقا
مرت أيام وأمير يحاول التقرب مني والاستعجال في تحديد موعد الزفاف وكتب الكتاب
وبعد أسابيع تم تحديد الموعد بعد أن شعرت براحة وقبول وحب حقيقي ناحية أمير
وبمجرد أن علمت هناء هانم بموعد زواج ابنها جاءت من إنجلترا لحضور كتب الكتاب
تقابلت معها في المطار وكانت المفاجأة عندما وجدتها جميله غير محجبة ترتدي فستان مكشوف
تعجبت كيف تكون الأم غير متدينة هكذا في لبسها وابنها الوحيد أمير رجل الخير والتدين والأخلاق
كانت تبدو أصغر من عمرها بكثير بل أصغر مني أنا في السن
كان اللقاء جميل وتم التعارف بسلاسة ويسر
واليوم وبعد أن ارتديت فستان الزفاف الذي اشتراه أمير وجدت هناء هانم تدخل عليّ الغرفة
قالت
"هل تظنين أنني لم أكتشف الحقيقة يا كاذبة
كيف لأمير بك ابن هناء هانم والأعمال المليونير صالح علوي أن يتزوج من لقيطة مثلك؟"
افقت من ذكرياتي كلها ومسحت دموعي ونهضت وخلعت فستان الزفاف
ارتديت فستاني الذي جئت به وتوجهت إلى غرفة أمير
لقد قررت الإنسحاب والعودة إلى الجمعية والملجأ
وعندما وصلت إلى غرفة أمير سمعت صوته في الداخل عاليا
كان يتحدث إلى أمه في غضب
دفعني الفضول للاستماع إلى كلامه وخاصة وأنه كان يتحدث عني وهو يصرخ ويقول
"يكفي هذا يا هناء هانم
يكفي أنني أعيش في تلك التمثيلية السخيفة كل يوم"
قالت امه
"كيف تجرؤ على التحدث لي بتلك الطريقة؟
أنت ابني و لابد ان تسمع كلامي
ماذا سيقول الناس عن ابن المليونير الذي تزوج من لقيطة"
صرخ أمير وقال
"بل ماذا سيقول الناس عن زوجة المليونير التي جاءت بطفل يتيم من الملجأ ونسبته لها ولزوجها الراحل حتى تحرم اخوات زوجها من الميراث"
صرخت هناء هانم وقالت
"ماذا تقول؟ هل هذا جزائي مقابل الإحسان لك؟"
قال أمير في سخرية
"تلك هي الحقيقة يا هناء هانم
أنا أذكر جيدا حياتي في الملجأ
لقد كان عمري 9 سنوات عندما جئت وأجريت عملية التبني في الملجأ
أذكر جيدا كل شيء
أنا مجرد بديل عن أبنك الذي مات صغيرا جئت بي لسرقة نصيب أكبر من ميراث زوجك
وقتها كنت صغير لم أكن أفهم لكن مع الوقت أدركت كل شيء"
قالت هناء هانم
"ومع هذا أنا صاحبة الفضل في المستوى الاجتماعي الذي تعيشه الآن
انا من صنعت منك رجل أعمال مشهور ومعروف
انا والدتك على الورق رسميا ولا يمكنك أن تغير حقيقة هذا الأمر
وإذا كان شعورك ناحية تلك الفتاة من دافع الشفقة فأنا قد أقبل هذا
سوف أعتبره مجرد إحسان إلى فقير كما تفعل بأموال الشركة التي تنفقها على الرعاع
ولكن لا يمكن أن أقبل أن تكون تلك الحقيرة بنت الحرام زوجة لك"
انفجر أمير وقال
"بل لن أتزوج غيرها وهذا قراري الأخير
والآن إما أن تقبلي هذا الزواج وتباركيه وأنتِ مبتسمة كما الأم السعيدة
أو يمكنك الانصراف من حيث جئت وفي الحقيقة لن يغير وجودك شيئاً
وقبل أن تأخذي القرار هناك في أعلى الباب كاميرا قد سجلت هذا الحوار والنقاش بيننا
وإذا ما أصابني أذي أو زوجتي منى فسوف تواجهين متاعب كبيرة أنتِ في غنى عنها"
فجأة انفتح الباب وكدت أن أقع نظرت لي هناء هانم في غضب واندهش أمير وقال في سرعة
"منى !!! منذ متى وأنتِ هنا؟"
قلت في حرج وخوف
"منذ بداية الشجار بينكما أنا …"
قاطعتني هناء هانم وقالت
"إذا فأنتِ تعلمين الآن الحقيقة
هذه حياتكم الخاصة وأنا سوف أنصرف
لا يوجد مكان لي هنا في تلك الفيلا
ولكن إياك يا أمير أن تنقص الأرباح الشهرية التي تأتي إلى حسابي أول كل شهر
عندها لم سوف ينهدم المعبد على رأسي ورأسك ورأس الجميع"
انصرفت هناء هانم بينما نظر لي أمير وهو متوتر وقال
"أنا اسف يا منى لم أكن أريد أن أكشف لك تلك الحقيقة إلا في وقت مناسب
لقد كنت مجرد أداة سرقة في يد تلك المجرمة
تلك المرأة سرقت أكثر من حقها الشرعي في ميراث زوجها حتى تضمن عيشة ومستوى مادي أكبر
واستغلت التشابه في الشكل و العمر بيني وبين ابنها الراحل
وقامت بتزوير بعض الأوراق وفجأة وجدت نفسي أمير صالح العدوي
بينما في الحقيقة أنا مجرد يتيم مثلك أو بالأحرى لقيط ابن حرام وجدت فرصة أن أكون رجل مختلف ولكنها مع ذلك كانت تنفق عليّ وعلمتني وجعلت مني هذا الشخص الموجود أمامك
ولهذا قررت أن أكرس حياتي كلها للفقراء والمساكين وأمثالي
والحقيقة لقد احببتك كثيرا ووجدت فيك صورة مني أنا
أرجوك يا منى عودي إلى غرفتك وانسي كل شيء ولنبدأ حياتنا اليوم من جديد معا"
نزلت كلمات أمير على قلبي كما الماء البارد فتبسمت له وعدت إلى غرفتي وارتديت من جديد الفستان الأبيض وفي تمام الساعة الثامنة بدأت الحفل جاءت مديرة الملجأ وكل المقربين مني
وبدأت حياة جديدة تماما مع شخص يحبني ويحترمني
وتلك القصة الواقعية جدا أمنحها لكم هنا حتى تعلموا أن
"الطيبون للطيبات والصبر مفتاح الخير والفرج
والتنمر أكبر من مجرد كلمة
قد تكون سلاح يقتل الإنسان ويدمره
والشخص القوي هو الذي يستطيع مواجهة التنمر والنجاح والتفوق
الكلمة ثقيلة في الميزان وكما قال رسول الله لا يكب الناس على وجوههم في جهنم إلا نتيجة ألسنتهم التي تنال من الناس"
النهايه
تعليقات