.
قصه جديده من جزئين
الجزء الأول 🥇
طبيعي لو إنسان في ورطة، ممكن يستغيث بيك عن طريق اتصال او نداء استغاثة، ولكن.. في ناس بيقولوا إن الأموات كمان ممكن يبعتوا رسائل استغاثة عن طريق إشارات أو احلام.. وده بالظبط اللي حصل معايا، او كان هيوديني في داهية.. طب ما تيجي احكيلك وانت هتعرف انا اقصد ايه في صفحه روايات مرعبه😈🔥
انا اسمي جمال ابو المكارم عندي ٣٢ سنة
عايش في القاهرة، متجوز وعندي بنتين من مراتي وحبيبة قلبي وسر تعاستي الأبدية، سمية...
ومن عندي سمية بقى بتبتدي الحكاية، يومها انا فاكر كويس إننا كنا في أخر الشهر.. الكلام ده كان من حوالي سنتين تقريبًا، المهم إن يومها كنا في أخر الشهر، وانا يعني راجل بشتغل كول سنتر في واحدة من شركات الاتصالات الكبيرة، ف من الطبيعي يعني إن انا بقبض أول كل شهر، ومن الطبيعي برضه، إن في نهاية الشهر تبدأ الدنيا تتأزم معايا لأن مرتبي يادوبك.. بيكفي مصاريفي انا وعيالي ومراتي بالعافية، ف بسبب كل الظروف اللي انا حكتها دي، يومها أول ما رجعت من الشغل، استقبلتني سمية مراتي برميل النكد بابتسامتها السمجة...
-أهلًا يا سي جمال.. ولا تحب اقول لك أهلًا يا چيمي زي ما بيقولولك اصحابك اللي بتروح تصيع وتضيع فلوسك معاهم ع القهوة!
مابصتلهاش لأني يومها كنت راجع تعبان من الشغل، وماكنتش عاوز اتخانق معاها ولا اعمل مشاكل، ف تجاهلتها ودخلت قلعت جزمتي وانا بقول بصوت واطي..
-استغفر الله العظيم، اللهم إني لا أسألك رد القضاء، ولكني أسألك اللطف فيه.. الطف بيا يارب وحياة حبيبك النبي.
طبعًا هي كانت رامية ودانها معايا ف سمعتني، وبمجرد ما سمعتني قربت مني وقالتلي بعصبية...
-يلطف بيك!.. يلطف بيك من ايه يا اخويا، ده يلطف بيا انا منك.. مش كفاية إنك معيشني في شقة إيجار جديد ومخلي حالتي انا وعيالك في الحضيض، طب يا راجل شايفني متضايقة ومتعصبة، هديني.. اسألني مالك، قرب مني واحتويني زي الرجالة ما بيعملوا مع مراتتهم، يعني لا هيبقى مال، ولا حتى حب.. روح يا شيخ... اللهي..
قاطعتها قبل ما تكمل كلامها...
-بس بس بس.. انتي هتدعي عليا يا سمية، مش كفاية القرف وقلة النوم بسبب شغلي شفت ونص عشان اعرف اصرف على البيت، واخرتها تدعي عليا؟
اول ما قولتلها كده، ما صدقت.. وكأنها ماسورة غاز وانفجرت في خلقتي..
-شفت ونص.. شفت ونص ايه يا ابو شفت ونص، هو شغلك ده بيكفينا لأخر الشهر!.. مش كفاية إن انا مستحملة وحاطة في بوقي جزمة وساكتة عشان بحبك، كمان هتتعصب عليا وهتزعق لي..
سيبتها عمالة تزعق وتهزي بأي كلام، ولبست الجزمة من تاني وروحت وقفت عند باب الشقة وانا بقول لها..
-بقولك ايه.. انتي مش بتضايقي لما بنزل اقعد مع اصحابي، انا بقى هنزل يا سمية واعلى ما في خيلك اركبيه، انا دمي محروق ومش طايق منك ولا كلمة، ماهو مش هتبقي انتي والدنيا عليا.
قولتلها كلامي ده، وفتحت الباب ونزلت من البيت، نزلت وزقيت إيديها اللي خربشتني من رقبتي قبل ما انزل، وخرجت من الباب وانا سايبها بتزعق وبتطلع كل طاقتها المكبوتة بسبب قعدتها في البيت.. في الزعيق، ماهتمتش بكلامها ولا باللي عملته.. لأني كنت عارف إن انا لما انزل اقعد على القهوة وارجع تاني، هلاقيها بقت أهدى واحسن، وعشان كده خدت بعضي وروحت قعدت على الكافيه اللي انا متعود اقعد فيه انا والشلة اللي متعود اقعد معاها، بس يومها لما روحت الكافيه، ماكنش في حد منهم موجود، ف طلبت كوباية شاي وطلعت موبايلي واتصلت بأول حد جه في بالي، ابراهيم.. ابراهيم ابو الحسن، صاحبي من أيام ثانوي، ورث عن ابوه مصنع وشقتين ومبلغ محترم خلاه عايش سلطان زمانه، وعلاوة على كده كمان ف هو شخص مش متجوز ورايق في نفسه كده، المهم إن انا طلعت موبايلي واتصلت بيه، جرس في التاني في التالت لحد ما رد..
-الو.. ايوة يا چيمي..
-ايوة يا هيما، عامل ايه يا عمهم.
-الحمد لله يا برو.. ايه فينك كده؟!
-انا عالقهوة.. اقصد عالكافيه يعني، انت اللي فين؟!
-انا خير اللهم اجعله خير، قاعد في مكان تراوة، وقصادي ماية كتير والدنيا هنا حلوة اوي.
ضحكت بصراحة اول ما قال لي كده ورديت عليه بعفوية..
-الله يخربعقلك، انت شكلك شارب ومهيس، اكلمك وقت تاني بقى.
-لا لا يا عم، لا تاني ولا تالت، انت تقفل معايا دلوقتي وتجيلي على العوامة، العوامة بتاعت خالي فودة اللي على النيل.. اصلي لقيت نفسي مخنوق، ف خدت مفتاحها منه وقولت اجي استجم مع نفسي شويتين، وبصراحة القعدة لوحدي خنقتني، ف انا بصراحة كده ما صدقت إنك اتصلت، يلا بقى تعالى اقعد معايا شوية بدل قعدتك عالكافيه دي، اه.. ما انا عارف إنك مابتنزلش تقعد القعدة دي إلا لما بتبقى نازل من البيت قفاك يقمر عيش..
اتنحنحت وانا محرج بصراحة من كلامه..
-جرى يا عم ابراهيم، ما تحسن ملافظك شوية يا أخي، الملافظ سعد.. مش كده.
-سعد مين؟!.. يا عم انت هتأفور ولا أيه، انا بهزر معاك، يلا اقفل وتعالى لي، الدنيا هنا بيس، في أكل وشيشة وطاولة وكل حاجة موجودة في الكافيه هتلاقيها هنا... يلا يا عم جمال بقى ماتبقاش بايخ.
وفعلًا اقتنعت بكلامه وقفلت معاه وقومت حاسبت الويتر على الشاي اللي طلبته وخدت بعضي وروحتله على العوامة اللي انا عارف عنوانها لأني كنت بروحها معاه قبل ما اتجوز، او أيام يعني ما كنا لسه شباب، وطبعًا من وقت ما اتجوزت وشيلت المسؤولية، وانا مابقتش لا اعرف اسهر معاه ولا مع غيره.. ف المهم يعني روحت لابراهيم العوامة، وهناك طبعًا لقيته مظبط قعدته.. الشيشة والطاولة والعشا وكل حاجة يتمناها أي حد في قعدة حلوة على النيل، ف دخلت العوامة وبعد السلامات والهزار والضحك، اتعشينا انا وهو وشربنا الشاي والحاجة الساقعة، وطبعًا قعدت اشتكيت له وحكيت على الخناقة اللي حصلت ما بيني وما بين سمية، وعشان يواسيني ويحاول يخفف عني، بص لي وضحك اوي وهو بيقول لي..
-يا عم ولا يهزك.. طالما مشكلة فلوس، تبقى سهلة، انا هسلفك الفلوس اللي انت عايزها وابقى ردهالي وقت ما ربك يفرجها، بس دلوقتي بقى مش عايزك تفكر في أي حاجة، بص.. احنا نخرج نقعد في الفارندا وبرة في صنارتين، انا عارف إنك بتحب الصيد من زمان، تعالى بقى نقعد نصطاد ونروق دماغنا وبأذن الله محلولة.
بصراحة كلامه عجبني وعملت اللي هو قال لي عليه، بس طول ما احنا قاعدين جنب بعض كنت عمال ابص له وانا مستغرب، انا ليه مابقاش زي ابراهيم كده، لا شايل هم للدنيا ولا في دماغه أي حاجة ممكن تعكر مزاجه، قد ايه روقان البال ده نعمة مايحسش بيها إلا اللي زي حالاتي كده وطالع عينه في حياته..
فضلت سرحان مع ابراهيم شوية ومع الصنارة شوية لحد ما حسيت إن انا بردان..
-ابراهيم.. تعالى نخش.. انا بردت اوي.
بص لي وضحك..
-بردان!.. شكلك عجزت ولا ايه يا جيمي، خش يا حبيبي هات البطانية اللي على السرير اللي جوة، اول أوضة عاليمين، حطها على كتفك وانت هتدفى.
بصيتله وابتسمت بسبب طريقته البسيطة في الكلام، وفعلًا دخلت جيبت البطانية وغطيت بيها نصي الفوقاني وقعدت جنبه زي ما كنت قاعد، بس لما دخلت وخرجت تاني، لقيت ابراهيم مشغل اغنية لام كلثوم على موبايله ومنسجم معاها اوي، ف قعدت جنبه انا كمان وسرحت مع صوت الست...
سرحت لدرجة السلطنة والانسجام اللي خلوني غمضت عيوني، بس فجأة اتنطرت من مكاني لما سمعت صوت صرخة بنت خلتني اتفزعت...
-في ايه يا ابني.. ايه اللي فزعك كده؟!
بصيت لابراهيم وانا مبرق..
-انت ماسمعتش اللي انا سمعته.. ده ده في صوت جاي من..
قطع كلامي صوت صرخة تانية وبعدها سمعت صوت بنت بتصرخ بصوت عالي..
(الحقوووني.. الحقوووني)
بص لي ابراهيم وبعد كده بص على مصدر الصوت اللي كان جاي من بيت قديم ومهجور قصاد العوامة على الناحية التانية، ساعتها بصيت له بفزع وبارتباك..
-في واحدة بتصرخ من البيت... في في.. في حاجة غريبة بتحصل في أم البيت ده.
في الوقت ده كنت حاسس بجسم ابراهيم بيترعش وهو بيرد عليا بخوف..
-يا عم مين دي اللي هتصرخ من البيت اللي مهجور بقاله ٤٠ سنة ده، دي دي.. دي تلاقيها عفريتة ولا ولا ولا...
قطع كلام ابراهيم صوت البنت للمرة التالتة...
(ابعد عنننييي.. سيبنننني يا حيوااان...)
اول ما سمعت الكلام ده، جمدت قلبي وانا ببص لابراهيم..
-لا يا ابراهيم.. لا.. دي مش عفريتة، دي واحدة بيحصل لها مصيبة في البيت ده!
بعد ما قولتله كده، سمعت صوت البنت او الست دي للمرة الرابعة وهي بتقول الحقوني، ساعتها ماحستش بنفسي إلا وانا بقلع البطانية وبرميها جنبي..
-بتعمل ايه يا جمال.. يا جدع انت ما نلفلها من برة.
بصيت له وانا متحمس اوي..
-وعقبال ما نلف بقى تكون الست دي اتقتلت او حصل لها أي مصيبة، لو اختك او اختي او حتى مراتي في الموقف ده، مش هتقدر تستنى لحد ما تلف وهتنط في الماية.. انا لازم الحقها.
وماعرفش ازاي الحماس خدني ولقيت نفسي بنط في الماية وابراهيم ورايا، عومنا بكل قوة لحد ما وصلنا للناحية التانية، ولما طلعنا من الماية بسرعة.. جرينا ناحية البيت اللي لما دخلنا من شباك من شبابيكه المفتوحة، لقيناه مضلم زي عادته، بس اللي لفت نظرنا هو صوت البنت اللي سمعناه والمرة دي بقى كان جاي من ناحية الدور التاني!
جرينا بسرعة انا وابراهيم وطلعنا على السلم، صوت البنت كان بيعلى، ف طلعنا بخطوات أسرع لحد ما وصلنا للدور التاني، وقتها اتسمرت في مكاني لما شوفت مشهد خلاني وقفت لمدة ثواني..
كنت شايف قصادي في صالة الشقة اللي في الدور التاني، شاب مديني ضهره، وقصاده بنت عمال يضرب فيها وهو بيصورها بموبايله..
(وحياة أمك سيبني امشي.. ابوس إيدك سيبني امشي..)
لكنه مارحمش دموعها ولا توسلاتها، ده بالعكس.. ضربها بكل قوة لدرجة إنها وقعت على الأرض، وبمجرد ما البنت وقعت لقيته بيقلع التي شيرت اللي هو لابسه وبيقول لها وهو بيضحك...
(تمشي فين يا بت.. انتي بتاعتي النهاردة.. وديني ما هحلك)
وبعد ما قال لها كده، حط الموبايل على الأرض، وقتها هي قامت وقفت وكانت عاوزة تجري، لكنه شدها من رجليها ووقعها، ومع وقعتها سمعت صوت صرخة مكتومة منها وبعد كده سكتت خالص!
ومع سكوتها، وأثناء ما كانت واقعة على الأرض، ابتدى الشاب ده يعتدي عليه، كل ده كان بيحصل وانا واقف في مكاني متسمر زي المشلول، حرفيًا ماكنتش قادر اتحرك ولا اتدخل، رجليا كانوا متكلبشين في الأرض!
بس مع سكات البنت، واعتداء الشاب عليها، قطع المشهد صوت ابراهيم صاحبي اللي جه من ناحية السلم، ف التفتت عشان الاقيه واقع على السلم اللي قصاد الباب وهو بيتألم...
-رجلي.. رجلي يا جمال.. رجلي اتكسرت..
حاولت اتحرك واخرج له، بس برضه ماعرفتش، ف طبيعي بصيت على البنت والشاب، لكن المصيبة بقى إن انا لما بصيت عليهم.. مالقتهمش!
وقتها الدم نشف في عروقي، ورغم البرد والجو الساقعة اللي حواليا، إلا إني كنت بعرق بشكل مش طبيعي، والرعب زاد جوايا اكتر واكتر لما سمعت ابراهيم بيقول لي بصوت واطي ومبحوح..
-الحقني.. الحقني يا جمال.. الحقني.
لفيت وبصيت ناحيته، كنت شايفه طشاش بسبب نور العوامة اللي كان ضارب في الشقة ومخليني شايف اللي بيحصل قدامي كله وكأنه خيالات سودا، بس المصيبة السودا بقى إن انا لما ركزت مع إبراهيم لقيت وراه خيال اسود.. لما دققت معاه كويس، لقيته خيال لنفس البنت، بس ملامحها المرة دي ماكانتش واضحة، والمصيبة الأكبر بقى إنها كانت ماسكة إبراهيم من رقبته وبتحاول تخنقه، حاولت اتحرك واروح له، لكني برضه ماعرفتش.. وفجأة لقيت رقبة إبراهيم بتلف ناحية الشمال ببطء وعينيه مبرقة على الأخر، وبعد كده سمعت صوت فقرات رقبته وهي بتتكسر واحدة ورا التانية، وقتها صرخت غصب عني وحاولت اتحرك بقوة، لكني ماعرفتش برضه اتحرك ف وقعت على وشي، وأخر حاجة كنت شايفها، هي البنت بس ماكانتش واقفة على السلم.. المرة دي شوفتها في صالة الشقة، كانت نايمة او ميتة بقى قصادي، بدأت اتألم واصرخ بعلو صوتي عشان حد يلحقني او يلحق ابراهيم..
(الحقونااا.. ابراهيم.. يا ابراااهيم...)
-يا جمال.. قوم يا ابني.. مين دول اللي يلحقونا ويلحقونا من أيه، قوم يا ابني انت نعست ولا أيه؟!
فتحت عيني وانا مخضوض وجسمي كله بيتنفض..
-ابراهيم... انت كويس؟!
-اه يا سيدي انا كويس وقاعد جنبك بصطاد اهو، انت اللي غفلت وفجأة فضلت تصرخ وتقول البت.. وبيضربها، والبيت.. وانا بصراحة كنت قاعد جنبك بتفرج عليك وانت عمال تصرخ وبتحلم، وكنت عمال اضحك.. لحد ما فجأة لقيتك بتقول الحقونا.. الحقونا.. ويا ابراهيم يا ابراهيم.. جرى أيه يا چيمي، هو انا اشرب يا ابني وانت اللي تعمل دماغ؟!
قومت بالعافية من مكاني وانا ببص حواليا، المكان كان زي ماهو، الصنارتين لسه موجودين في مكانهم، وأغنية ام كلثوم كانت لسه شغالة، دي حتى هدومي كانت ناشفة زي ماهي، معنى كده إن كل اللي شوفته ده كان مجرد حلم!
بس حلم ازاي وانا متأكد من إن كل اللي عيشته كان حقيقة، انا متأكد إن انا نزلت المايه وطلعت البيت!
وقفت لمدة ثواني كده ماكنتش مركز فيهم، لحد ما بدأت افوق واستوعب الدنيا من حواليا..
-اه كنت بحلم يا ابراهيم، بس كنت بحلم ازاي بس، مش انا وانت سمعنا سوا صوت صرخة البت وهي جاية من ناحية البيت القديم ده، ونزلنا انا وانت المايه وفضلنا نعوم لحد ما..
قاطعني ابراهيم وهو بيمسكني من دراعي..
-ايه يا ابا حيلك حيلك.. بت مين اللي بتصرخ وماية ايه اللي نزلناها في الجو التلج ده، وبعدين انت خواف يا جمال ومابتعرفش تعوم من أساسه، بقولك ايه.. انت شكلك كده عاوز تنام وبتسقط، خش ريحلك ساعتين جوة ولا حاجة، الوقت لسه بدري.. ف استهدى بالله كده وادخل ريحلك شوية على السرير اللي جيبت من عليه البطانية دي، وانا شوية كده وهصحيك.. يلا تعالى ادخلك.
مشيت مع ابراهيم اللي دخلني لحد السرير، انا فعلًا كنت راجع من الشغل تعبان ومحتاج انام، وعشان كده طاوعته وسمعت كلامه ودخلت نمت على السرير اللي جوة أوضة من أوض العوامة، فردت جسمي على السرير وابراهيم اتأكد من إن انا تمام وسابني وخرج يكمل صيد، غمضت عيني بكل هدوء وانا متغطي كويس لحد ما روحت في النوم، نمت شوية، مش فاكر قد ايه، بس كل اللي انا فاكره، هو إن انا بعد شوية صحيت على صوت نَفس عالي جدًا جاي من جنبي، كان صوت نَفس مشابه لصوت حد بينهج او مش قادر يتنفس فبياخد نفسه بالعافية..
فَتحت عيني بكل هدوء عشان اشوف مصدر الصوت، بس للأسف، الأوضة كانت ضلمة تمامًا.. كُحل، لدرجة إن انا ماكنتش شايف اي حاجة، انا بس كنت حاسس.. كنت حاسس بصوت النَفس اللي جاي من جنب السرير، ومعاه ابتدى الجو يبقى حر جدًا!
قومت قعدت وانا ببص حواليا بخوف..
(مين.. مين موجود في الأوضة، انت يا ابراهيم ولا مين؟!)
ماحدش رد عليا، بس صوت النفس اللي بقى أنفاس متلاحقة، حسيت بيه بيتنقل من مكان لمكان، وكأن صاحبه بيتجول في الأوضة من حواليا، وقتها بصراحة جمدت قلبي وشيلت البطانية من عليا وانا بقول بصوت عالي..
(يا ابراهيم بطل تهريج بقى يا أخي.. انا هقوم افتح النور ولو طلعت انت اللي عامل ده كله، وديني لا اوريك..)
قومت من على السرير وانا بتحسس الدنيا من حواليا، مشيت بخطوات بطيئة وانا بدور على أي زرار أنور منه النور، اتمشيت بالراحة بس فجأة وقفت لما لاحظت إن رجلي مش دايسة على أرض الأوضة كده وخلاص.. لأ، دي أرض الأوضة كانت مليانة مايه!
يا نهار اسوح ومقندل، المايه دي جت منين!
ومع إدراكي لوجود مايه على الأرض، بقت مشيتي أسرع وتدويري على كوبس النور بقى بشكل أسرع هو كمان... لحد ما أخيرًا وصلت للكوبس او الزرار اللي جنب باب الأوضة، وعلى طول ومن غير أي مقدمات ولعت النور، بس بمجرد ما نور الأوضة اشتغل، وفي لحظة، حسيت بإيد باردة مسكت إيدي اللي على الزرار، ف بديهيًا بصيت ناحية الإيد اللي صاحبتها كانت بنت.. بنت ضوافر إيديها سودا بشكل مخيف، جلدها كله لونه أبيض وشاحب، عينيها بيضا تمامًا، ريحتها كريهة بشكل لا يوصف، لابسة فستان أبيض عليه بقع كنت فاكرها أول ما بصيت طينة، لكنها طلعت دم!!
غصب عني أول ما شوفتها صرخت بصوت عالي..
(اعوذبالله من الشيطان الرچيم.. يا ابراهيم.. الحقني يا ابرا..)
سكتت فجأة لما لقيت البنت بتبص لي وبتبتسم، سنانها كان لونها أسود.. بوقها لما اتفتح، خرج منه ماية بطينة!
بس فجأة وبدون أي مُقدمات، لقيتها فتحت بوقها بشكل كبير، ومع فتحة بوقها دي، سمعت صوت صرخة خلتني غصب عني حطيت إيديا على وداني من بشاعتها وعلوها، وبمجرد ما شيلت إيدي من على زرار النور وحطيتها على وداني، فجأة لقيت النور انطفى والأوضة رجعت ضلمة من تاني!!!
في الوقت ده بقى ماجاش في بالي أي حاجة غير إن انا اروح ناحية الباب وافتحه واطلع اجري من الأوضة دي خالص.. ف روحت ناحية الباب اللي بمجرد ما مديت إيدي على الأوكرة بتاعته، اتفتح بكل سهولة وخرجت من الأوضة، لكني أول ما خرجت من الأوضة وابتديت انادي على ابراهيم، خدت بالي من إن مافيش حد، العوامة فاضية!
ف فضلت الف حوالين نفسي في الصالة لمدة كام ثانية كده لحد ما لفت نظري صوت دربكة او نَكش جاي من ناحية البلكونة او الفراندا اللي كنت قاعد فيها انا وصاحبي، ف غصب عني وبحركة تلقائية كده، بصيت ناحية الفراندا اللي كانت مفتوحة، واللي بالمناسبة يعني ماكنش فيها حد هي كمان، لكن بمجرد ما بصيت ناحيتها، سمعت صوت حاجة بتقع او بتترمي في النيل، ف خرجت جري ناحية النيل اللي لما بصيت له، خدت بالي من إن في صوت جاي من ناحية البيت المهجور اللي قصاد العوامة على طول، ومع تركيزي مع البيت وسماعي لنفس صوت النَكش والدربكة اللي جاي من البيت، فجأة سمعت صوت تاني جاي من الماية، وأول ما بصيت ناحية الصوت ده، لقيت الماية بتتحرك وكأن في حد بيغرق جواها وبيحاول يطلع، ركزت أكتر مع حركة المايه لحد ما شوفت إيد طلعت منها، وبعد الإيد دي على طول ظهرت😳
فجأة سمعت صوت تاني جاي من الماية، وأول ما بصيت ناحية الصوت ده، لقيت الماية بتتحرك وكأن في حد بيغرق جواها وبيحاول يطلع، ركزت أكتر مع حركة المايه لحد ما شوفت إيد طلعت منها، وبعد الإيد دي على طول ظهرت..!
نفس البنت اللي سيبتها وخرجت اجري من الأوضة، هي هي نفس البنت بهيئتها المرعبة، بس المرة دي بقى كانت واقفة على المايه وبتتمشى ناحيتي، رجعت لورا خطوتين بهدوء، بس طبعًا وانا برجع لورا، غصب عني اتكعبلت في حاجة كانت على الأرض ف وقعت، ومع وقعتي دي مافقدتش الوعي ولا حصل أي حاجة، بل بالعكس.. انا كنت فايق وشايف كويس.. كنت شايف البنت اللي طلعت من الماية وعدت سور الفراندا وجت ناحيتي بخطوات بطيئة وكأنها بتترنح!.. وطبعًا مع منظرها ده، ماكنش في إيدي أي حاجة غير إن انا فضلت اقرا في كل اللي انا حافظه من قرأن او أدعية، لكنها ماكانتش بتتأثر، دي مش جن ولا عفريت ولا حتى شيطان، دي دي.. دي بنت ميتة بجد!!
ومع يآسي واستسلامي للأمر الواقع، حطيت إيديا الاتنين على وشي عشان ماشوفهاش وهي بتموتني بقى او هي بتعمل فيا أي مصيبة سودة، وكل اللي بقى طالع عليا هو إن انا كنت عمال اصرخ بصوت عالي واقول يارب، وفي نفس الوقت كنت بنادي على ابراهيم اللي ماعرفش هو سابني واتنيل راح فين...
-يا جمال.. قوم يا جمال الله يخربيتك، انت هتموت ولا أيه.. قوم ده في حوار كبير برة، الصنارة غمزت في حوت باين ولا شكله صوق دهب هيخلينا هنقب على وش الدنيا؟
فتحت عيني بالعافية؛ لقيت نفسي لسه نايم على السرير في الأوضة، وقصادي ابراهيم اللي كان بيصحيني بطريقته المستفزة اللي فاكر بيها إنه كده يعني روش وبيهزر معايا..
-في ايه.. ايه اللي حصل، وانا ايه اللي جابني هنا؟!
بص لي ابراهيم باستغراب..
-ايه اللي جابك هنا ايه يا ابا.. قوم بسرعة بس عشان الصنارة برة غمزت في حاجة تقيلة وعاوزك تسحبها معايا.
قومت من على السرير وانا بلعن في مراتي اللي كانت السبب في إن انا اجي هنا، المهم إني في الأخر خرجت مع ابراهيم وابتديت اساعده في سحب خيط الصنارة اللي كان من الواضح كده إنه فعلًا شابك في حاجة كبيرة..
-الله يخربيتك يا ابراهيم، هو انا هلاقيها منك ولا من الكوابيس اللي عمال اشوفها من ساعة ما جيت هنا، ولا من مراتي ولا من الحاجة الكبيرة اللي شابكة في الصنارة، اييه.. هي هتطلع حوت!
بص لي ابراهيم وقال لي بتريقته اللي اتعودت عليها من يوم ما عرفته..
-حوت ايه بس يا چيمي.. ده تلاقيه صندوق جواه كنز ياض.. شد معايا بس شد.
شديت معاه وانا بقول له بتريقة وعنيا باصة على البيت المهجور اللي قصاد العوامة..
-شكله لا صندوق ولا كنز ولا أي نيلة عليك وعلى دماغك، دي شكلها جزمة قديمة مرمية في النيل، ولما نطلعها بعون الله، هضربك بيها على نفوخك عشان تحس بالصداع اللي انا حاسس بيه دلوقتي ده...
فجأة سكت ابراهيم لمدة ثواني كده وبطل يشد معايا، وقبل ما ابص عليه ولا اسأله بطل شد ليه، لقيته بيقول لي بصوت عالي..
-يا نهار اسود ومنيل ياض يا جمال.. جثة يالا.. جثة..
سيبت الصنارة من إيدي وانا ببص بذهول ناحية نهاية الماية اللي قصاد العوامة، انا الدم نشف في عروقي اول ما شوفتها، كانت جثة شكلها نفس شكل البنت اللي عمال اشوفها في الكوابيس من ساعة من رجلي خطت في المخروبة دي!
ساعتها اتكلم ابراهيم وقال لي وهو بيدخل جوة العوامة وبيشدني من دراعي..
-تعالى معايا.. تعالى ننزل نشوف جثة مين دي ولا ايه اللي جابها هنا.
شدني بكل قوة وبسرعة.. ف نزلت معاه من العوامة وروحنا لنهاية الماية، وساعتها اتفزعنا لما شوفناها، كانت بنت لابسة فستان لونه أبيض، لون بشرتها أبيض وشاحب بشكل يخوف، والصنارة نهايتها، كانت شابكة في حتة من فستانها، بس الغريب بقى إن جثة البت دي كانت بتدل على إنها مش منتحرة ولا رامية نفسها في النيل، لأن ببساطة كده، فستانها كان عليه بقع دم، ووشها بالأجزاء اللي باينة من جسمها كانوا مليانين خرابيش..
-ياض يا جمال.. دي شكلها جثة لبت منتحرة، احنا.. احنا نرميها زي ما لقيناها ويا دار ما دخلك شر، احنا مش ناقصين وجع دماغ ولا..
قاطعته وانا بقرب من جثة البنت بحذر وبخوف..
-يا عم مش منتحرة يا عم، انت مش شايف أثار الخرابيش اللي على وشها وجسمها، وكمان بقع الدم اللي على فستانها دي مش شايفها، ايه عميت خلاص؟!
رد عليا وهو بيقرب منها هو كمان بخوف وبحذر..
-يا عم لا عميت ولا اتنيلت بستين نيلة، احنا مالناش دعوة منتحرة ولا مقتولة ولا أيه اللي حصل لها عشان تترمي الرمية السودة دي، احنا نرميها في النيل تاني زي ما لقيناها ونريح دماغنا..
كان ابراهيم بيقول لي كده وهو بيزق البنت للماية من تاني، وقبل ما اتكلم أو اقول له نبلغ او مانبلغش، فجأة سمعت صوت حركة في المايه وبعده لقيت نور قوي ضرب في وشي، ومع النور القوي ده سمعت صوت أجش وتخين بيقول بكل جدية..
-انتوا بتعملوا ايه.. سيبوا اللي في إيديكوا ده واقعدوا على الارض وارفعوا إيديكوا لفوق.. اقعد ياض انت وهو.. ولا حركة، اللي هيتحرك هضربه بالنار...
ايوة.. كان البوليس، ماهي مراكب شرطة المسطحات متعودة دايمًا تعدي في النيل بالليل، ومش غريب يعني إنها كانت تعدي في الوقت ده، بس الغريب واللي بيعتبر صدفة منيلة بستين نيلة بقى، هي إن المركبة بتاعت الشرطة عدت وانا وابراهيم واقفين وقصادنا جثة لسه طالعة من المايه حالًا..
طبعًا قعدنا على الأرض وسمعنا كلام الظباط اللي جُم ناحيتنا، وبمجرد ما وقفوا قصادنا وعرفوا إن اللي قدامنا دي جثة، بدأوا يتصلوا بالقسم وبلغوا عن اللي شافوه وهم قابضين علينا، وقتها ابراهيم كان جسمه عمال يترعش وهو بيقول لهم بخوف..
-وحياة ربنا يا باشا انا ما اعرف دي جثة مين ولا ماتت ازاي، انا كنت قاعد بصطاد والصنارة هي اللي غمزت فيها.
بصيت له بقرف وانا بقول له في سري الله يخربيت أم اليوم اللي عرفتك فيه، وبعد كده بصيت للظابط وقولتله بارتباك وبخوف من الموقف المُفاجيء اللي اتحطينا فيه..
-وربنا يا باشا هو ده اللي حصل، ده انا حتى كنت نايم.. كن كن كنت نايم وماعرفش حاجة في أي حاجة، وديني وما أعبد يا باشا الصنارة هي اللي طلعت الجثة دي بالصدفة.
طبعًا الظابط ماصدقناش ورد علينا وهو بيحط الكلابشات في إيدينا بكل عنف..
-صنارة اصطادت جثة، انت بتهزي ياض انت وهو ولا ضاربين ايه على المسا.. اقعد ياض انت وهو لحد ما العربيات تيجي وتاخدكوا على قسم.. تلاقيكوا اغتصبتوها وقتلتوها وعاوزين ترموها في النيل.. ده انتوا هتروحوا في ستين ألف داهية يا صيع يا ولاد ال..
قاطعه ابراهبم وهو بيحاول يبرر موقفنا...
-يا باشا اغتصبناها ايه بس وزفت ايه، وبعدين هو احنا يعني لو اغتصبناها وقتلناها وكنا عاوزين نرميها في النيل، مش كنا رميناها وخلصنا، وأكيد يعني جثتها ماكانتش هتبقى بالشكل ده ولا مبلولة حتى.. وربنا يا باشا العوامة دي عوامة خالي فودة.. وانا وصاحبي كنا جايين نقضي فيها ليلة ونصطاد وكده يعني، ورب العزة يا باشا في سوء تفاهم وانت..
زقه الظابط وهو بيسكته..
-اخرس خالص.. مش عايز اسمع لكوا حس لحد ما تروحوا القسم.
وفعلًا.. بعد أقل من نص ساعة، كنت انا وابراهيم في القسم، وطبعًا خدوا أقوالنا وودونا على الحجز عشان نتعرض تاني يوم الصبح على النيابة، بس واحنا داخلين الحجز.. كان في جوة القسم ظيطة وناس كتير كده كانوا عمالين يصرخوا ويقولوا إن إبنهم اتقتل وإن في حد ولعه جوة البيت!
طبعًا انا وابراهيم ماهتميناش، احنا كنا في أيه ولا في ايه، احنا كل اللي كان في بالنا وقتها إننا كده كده رايحين في ستين داهية بسبب المصيبة السودة اللي وقعنا فيها، بس طبعًا قبل ما ندخل الحجز، كان ابراهيم اتصل بمحامي صاحبه قال إنه هيروح لنا على النيابة الصبح، ومش عاوز اقولك بقى ليلتها شوفنا ايه، حرفيًا كده شوفنا الويل جوة الحجز، تخيل انت لما تبقى قاعد في مكان مافيهوش منفس، وحواليك مجرمين وقتالين قتلة وبتوع مخدرات وكل ما تتخيله من سوابق، بصراحة كانت ليلة ما يعلم بيها إلا ربنا.. ليلة عدت عليا انا وابراهيم كأنها سنة، بس مع نهايتها وطلوع النهار، دخل العسكري وخدنا وروحنا على النيابة، وهناك بدأ وكيل النيابة التحقيق مع ابراهيم وبعد كده حقق معايا، حكيتله على كل اللي حصل بكل صراحة، بس وانا بحكيله.. كان باصص لي بتركيز اوي لحد ما لقيته قام من على مكتبه وقرب مني وهو بيقول لي بذكاء المحقق...
-الخربوش اللي في رقبتك ده.. جه منين؟!
ارتبكت طبعًا اول ما قال لي كده ورديت عليه وانا ركبي بتخبط في بعض..
-يا فندم ما انا قولت لحضرتك إني كنت بتخانق مع سمية مراتي، ف وارد يعني إنها تكون خربشتني في وسط الخناقة، وبعدين حضرتك تقدر تستدعيها وتسألها عن ال..
قاطعني وكيل النيابة وهو بيقعد على كرسي مكتبه من تاني..
-انت اه كلامك مطابق لكلام صاحبك، بس انا بقى مش مصدق ولا كلمة من الكلام اللي انت قولته ده، انت هيتاخد منك عينة وهيتعمل dna وهيتطابق مع ضوافر البنت وكمان مع الخرابيش اللي في جسمها، المعاينة الأولية للطبيب الشرعي بتقول إن البنت تم الاعتداء عليها..
بلعت ريقي بصعوبة وانا برد عليه..
-يا نهار اسود ومنيل.. انا مالي يا باشا انا ومال الليلة دي، وبعدين ما انا حكيتلك على الأحلام اللي شوفتها في العوامة، البنت دي في حد اعتدى عليها.. وارد جدًا يكون ده حصل، بس وحياة ربنا الحد ده مش انا.. احنا بالصدفة لقينا جثتها و..
-هششش.. مش عايز اسمع صوتك إلا لما اقولك اتكلم، قال أحلام قال..
وفعلًا بعد التحقيق، خدوا مني عينة وبعد كده حبسوني انا وابراهيم على ذمة التحقيق، ورجعنا تاني للحجز اللي وانا فيه كنت متخيل إن انا عمري ما هخرج منه أبدًا بسبب بشاعته وريحته العطنة..
كنت قاعد انا وابراهيم اللي بص لي وقال وهو بيبتسم ابتسامة مش في مكانها خالص بصراحة..
-جرى ايه يا جدع انت.. السجن للجدعان، ما تجمد قلبك كده وتنشف، ديتها ايه يعني، الحكومة والطب الشرعي هيثبتوا إن احنا مالناش علاقة بالحوار وفي الأخر هنخرج، واوعدك يا عم اننا بعد ما نخرج، هنقضي انا وانت احلى أسبوع في العوامة بتاعت خالي فودة..
اول ما قال لي كده بصيت له من فوق لتحت بقرف..
-انت ياض انت ياض هتبطل برود امتى، قال وانا اللي كنت هربان من مراتي وجيت اغير جو معاك، والله العظيم دي نار مراتي ولا جنة عوامتك المنيلة بستين نيلة دي، الله يخربيتك يا شيخ لبيت خالك فودة في يوم واحد.. بقولك ايه يا عم ابراهيم، احنا لما نخرج من هنا.. ده لو خرجنا يعني، انا مش عايز اعرفك تاني، ولا عايز اشوف خلقتك من أساسه، اتفقنا يا عم؟!
قرب مني وهو بيحاول يطمنني ويهون عليا..
-يا عم جمد قلبك كده، المحامي لما انت كان بيتحقق معاك، طمنني وقال لي إن النيابة لما تتأكد من إن البنت ماتت قبل ما احنا نلاقيها، وكمان لما الطبيب الشرعي يثبت إن احنا مالناش دعوة بالاعتداء اللي حصل لها، هيخرجونا.. روق كده بقى يا صاحبي وإن شاء الله هتعدي.
بصيت له وسكتت، مابقتش عارف اقول له ايه، السكوت كان أفضل بكتير من إن انا ادخل معاه في جدال وخناقة واحنا في الوضع المهبب ده، ف سكتت وكومت نفسي كده في ركن من أركان الحجز وابتديت اروح في النوم، بس أول ما عينيا غمضت شوفت حلم غريب اوي..
انا شوفت نفسي واقف في نفس الصالة اللي كان بيتم فيها الاعتداء على البنت، بس المرة دي بقى كان قصادي اتنين، البنت وجنبها نفس الشاب اللي كان بيعتدي عليها، بس المرة دي ملامحه كانت متغيرة!
وشه كان أسود وهدومه بجسمه حرفيًا كده كانوا متفحمين، بس الأغرب بقى من كل اللي انا حكيته ده، هي ضحكات البنت اللي كانت عمالة تعلى وكأنها شمتانة في الواد اللي كان واضح جدًا من شكله إنه محروق، او ممكن تكون بضحكاتها دي كانت شمتانة فيا انا!
وعشان كده بصيت لها بغضب وقولتلها بصوت عالي..
(منك لله يا شيخة انتي وهو، انا كان مالي بس ومال كل ده، مالها سمية وخناقاتها، مش ارحم من أم الكوابيس اللي مالهاش اخر دي.. غوري بقى يا شيخة الله يخربيتك.. غوري)
صحيت من النوم على صوت ابراهيم اللي قال لي إن سمية مراتي بعتت لنا زيارة، او أكل يعني.. بصراحة ماكنش ليا نفس للأكل ولا لأي حاجة في الدنيا، انا كل اللي انا كنت عايزه هو إن انا اخرج من المكان ده على خير، ماكنتش عايز أي حاجة في الدنيا غير إن انا ارجع لحياتي العادية، وده ببساطة كده لأني اكتشفت وانا جوة الحجز، إن مجرد روتينك اليومي وشغلك وخناقاتك مع مراتك، هي نعمة كبيرة اوي اوي المفروض تصلي ليل ونهار وتشكر ربنا عليها..
بس للأسف انا ماخرجتش من الحجز بسرعة زي ما اتمنيت، انا فضلت انا وابراهيم قاعدين فيه لمدة اربع أيام، بعدهم النيابة استدعتنا عشان المفروض إنها تحقق معانا، وخليني اقولك إن انا قبل ما اروح النيابة، ماكنتش اعرف اي حاجة، بس طول الطريق كان ابراهيم عمال يضحك، ف طبيعي بصيت له بقرف كالعادة يعني..
-يا أخي انت مش هتبطل هبل بقى وضحك على الفاضي والمليان؟!
لكن ابراهيم لما سمع كلامي ده، ما اتضايقش، بل بالعكس، ده ضحك اكتر وهو بيقول لي..
-المحامي طمنني ياض يا چيمي وقال لي إننا ممكن نخرج النهاردة.
بصراحة ماكنتش مصدقه، لكننا لما دخلنا لوكيل النيابة وقال لنا إنه هيفرج عننا فعلًا انا مابقتش مصدق!
مابقتش مصدق لدرجة إن انا قولت لوكيل نيابة بعفوية..
-طب هنخرج ازاي حضرتك، انتوا عرفتوا مين اعتدى على البنت، طب وصلتوا لحاجة طيب انا ماعرفهاش؟!
بص لي وكيل النيابة بلا مبالاه كده وقال لي..
-اه عرفنا.. واتأكدنا بكل الأدلة إنكم مالكوش أي ذنب في قتل البنت ولا في رميها في النيل، ولا حتى في الاعتداء عليها.
وقتها غصب عني سألت وكيل النيابة بحسن نية..
-طب يا فندم عرفتوا ده كله ازاي، ومين اللي اعتدى على البنت؟
بص لي وكيل النيابة من فوق لتحت وبعد كده قال لي بكل حزم..
-مش شغلك.. تقدر تتفضل على بيتكوا.
وفعلًا خرجت، بس قبل ما اَروح.. قعدت مع محامي ابراهيم اللي كان مستنينا برة واللي طبعًا سألته نفس الأسئلة اللي سألتها لوكيل النيابة وماجاوبنيش عليها، لكن المحامي بقى فهمني كل حاجة لما ابتدى يحكيلي وقت ما كانت أجراءات خروجنا بتتم...
(بسيطة يا أستاذ جمال.. انا هفهمك كل حاجة، الصدفة اللي خلتوكوا تلاقوا الجثة ليلتها وقت ما مركب شرطة المسطحات كانت بتمر، حصلت صدفة شبهها، وهي برضه اللي خرجتكوا من الموضوع زي الشعر من العجين..
ماهو وكيل النيابة يوم ما اتحولت له قضيتكوا، اتحولت معاها قضية تانية لواحدة ست ساكنة في نفس الدايرة اللي تابعة لوكيل النيابة ده، والست دي بقى عايشة هي وابنها لوحدهم من بعد ما ابوه ما مات.. ولأن الست دي كانت متعودة تخرج من البيت وتسيب ابنها الشاب لوحده، ف الواد عمل مصيبة.. ولما احكيلك هتعرف ايه هي، المهم إن الست دي لما كانت برة، رجعت لقت شقتها بتولع وابنها ميت جواها، ولأن إبنها عيل بايظ وبتاع مخدرات وكل اصحابه شبهه كده، ف الست شكت إن ممكن يكون حد من صحاب الواد قتله لأي سبب يعني، ف قدمت بلاغ وابتدا التحقيق، ومن حسن حظكوا بقى إن النيابة لما جالها أحراز الشقة اللي اتحرقت والواد اتفحم جواها، كان من ضمن الأحراز دي موبايل الواد اللي ماكنش اتحرق لأنه كان مرمي في أوضته، ولما النيابة فتشت فيه، لقت عليه فيديو لبنت بيتم الاعتداء عليها من نفس الواد صاحب الموبايل جوة بيت قديم، وده طبعًا البيت اللي قصاد العوامة، وطبعًا البنت كانت شبه نفس البنت اللي انتوا لقتوها، بس ملامحها كانت متغيرة بسبب إنها كانت في الماية وكده يعني، ف لما النيابة حبت تتأكد وتعرف مين البنت دي، ابتدت التحريات اللي أثبتت إن البنت دي تبقى جارة الواد وهو استغل احتياجها للفلوس لأنهم فقرا، او استغل إنهم جيران وفي بينهم كلام، وطبعًا وقتها كان شارب، ف جرجرها للبيت واعتدى عليها، بس بعد ما اعتدى عليها بقى، او بالتحديد يعني أثناء الاعتداء.. البنت ماتت في إيده ومابقاش عارف يوديها فين، ف بعد ما اعتدى عليها رماها في النيل، وده طبعًا قبل ما انتوا تروحوا العوامة بكام ساعة، وكمان النيابة اتأكدت من الكلام ده لما سألت الجيران وطابقت كلامهم مع محضر عملوه أهل البنت بتغيبها فجأة كده، وبتجميع كل الخيوط دي مع تقارير الطب الشرعي اللي أثبتت عن طريق الخرابيش والاعتداء اللي تم، إن الولد ده هو اللي عمل كده، ف انتوا بالتالي شهادتكوا بقت سليمة ومابقاش يقع عليكوا أي جُرم، وده طبعًا بعد ما اتأكدوا يا استاذ جمال إن الخربوش اللي في رقبتك ده بفعل مراتك مش بفعل البنت اللي كانوا شاكين إنكم اعتديتوا عليها..)
لما المحامي قال لي كده حطيت إيدي على رقبتي بإحراج، بس حقيقي وقتها بعد ما خلص كلامه معايا اتنفست بأريحية لأول مرة من ساعة الليلة المشؤومة دي، المهم إني في الأخر خرجت ومراتي معاملتها معايا اتغيرت تمامًا لما اتحبست وعرفت قيمة وجودي في البيت، وخليني اقولك إن الواد مات محروق في البيت لأنه بعد ما اعتدى على البنت ورجع البيت، فضل يشرب في مخدرات عشان ينسى لحد ما أغمى عليه وسيجارة الحشيش وقعت من إيده.. وشبكت في مناديل كانت واقعة على الأرض، والمناديل لما ولعت مسكت في ملاية الكنبة اللي كان نايم او فاقد الوعي عليها، والبيت ولع بيه وهو مش دريان لحد ما مات...
اما بقى عن علاقتي بابراهيم، ف بصراحة كده انا لا بقيت بحب اقعد معاه ولا بقيت حتى بسأل عليه او بتصل بيه، انا من بعد ما خرجت، بقيت من شغلي لبيتي ومن بيتي لشغلي.. وحتى الكافيه اللي كنت بنزل اقعد عليه شوية، مابقتش بنزله.. وبقيت بقضي معظم وقتي لما برجع من الشغل مع مراتي، وفي النهاية حابب اقول حاجتين.. ربوا عيالكوا.. ربوا عيالكوا عشان بقلة تربيتكوا ليهم بتحصل مصايب، والمصايب دي بتجر ناس مالهاش ذنب في الرجلين، وياريت تحرصوا كمان على بناتكوا، وتخلوا عينكوا عليهم في الرايحة والجاية.. احنا بقينا في زمن ما يعلم بيه إلا ربنا
The end
المشاركات
تعليقات