دليل إنساني لإعادة بناء الأمان النفسي لدى الأطفال
ليس كل جرح يُرى، فبعض الكسور تسكن الداخل بصمت.
الطفل المكسور من الداخل قد يضحك، ينجح، ويلتزم… لكنه يحمل في قلبه خوفًا أو ألمًا لم يجد من يفهمه. حماية هذا الطفل ليست مهمة سهلة، لكنها ممكنة حين نعرف الطريق الصحيح.
من هو الطفل المكسور من الداخل؟
هو طفل تعرّض لخبرات أضعفت شعوره بالأمان أو القيمة، مثل:
- الإهمال العاطفي أو القسوة المستمرة
- المقارنة الدائمة مع الآخرين
- التقليل من مشاعره أو السخرية منها
- غياب الاحتواء أو الشعور بعدم القبول
غالبًا لا يعبّر هذا الطفل بالكلام، بل بالسلوك:
- صمت زائد أو عدوانية مفاجئة
- خوف من الخطأ أو من إرضاء الآخرين
- انسحاب اجتماعي أو فقدان الثقة بالنفس
الأمان النفسي: حجر الأساس في الحماية
أهم ما يحتاجه الطفل المكسور هو الشعور بالأمان، ويتحقق ذلك عبر:
- ثبات التعامل وعدم التقلب في ردود الأفعال
- نبرة صوت هادئة خالية من التهديد
- وجود شخص بالغ يمكن التنبؤ بتصرفاته
فالطفل لا يشعر بالأمان من الوعود، بل من التكرار.
تصديق المشاعر لا إلغاؤها
من أكثر ما يؤذي الطفل المكسور هو إنكار ألمه بعبارات مثل:
- “لا تبكِ”
- “هذا أمر بسيط”
- “كن قويًا”
الصحيح هو:
- الاعتراف بمشاعره دون تقليل
- إخباره أن ما يشعر به مفهوم ومقبول
- منحه مساحة للتعبير دون خوف من العقاب
الطفل الذي تُحترم مشاعره يتعلم احترام نفسه.
الاستماع قبل الإصلاح
الطفل المكسور لا يحتاج إلى محاضرات أو أوامر، بل إلى:
- أذن تسمع دون مقاطعة
- قلب يتفهم دون إصدار أحكام
- شخص لا يحاول تغييره بسرعة
أحيانًا، مجرد الاستماع يكون بداية الشفاء.
إعادة بناء الشعور بالقيمة
القيمة لا تُزرع بالكلمات فقط، بل بالمواقف:
- مدح الجهد بدل التركيز على النتائج
- إعطاؤه خيارات ليشعر بالتحكم
- إشراكه في قرارات تناسب عمره
حين يشعر الطفل أن رأيه مهم، يبدأ ترميم صورته عن نفسه.
القدوة أقوى من النصيحة
يتعلم الطفل التعافي حين يرى البالغين:
- يعتذرون عند الخطأ
- يعترفون بمشاعرهم
- يحترمون أنفسهم والآخرين
فالأفعال الصادقة تُعلّم أكثر من ألف نصيحة.
متى نلجأ للمختص؟
طلب المساعدة المتخصصة ضروري إذا ظهرت:
- علامات حزن أو انسحاب طويل الأمد
- تغيرات حادة في السلوك
- صعوبة واضحة في التكيف اليومي
الاستعانة بمختص ليست ضعفًا، بل حماية مبكرة للطفل.
الخلاصة
الطفل المكسور من الداخل لا يحتاج من “يُصلحه”،
بل من يؤمن به، يبقى بجانبه، ويمنحه الأمان حتى يتعلم كيف ينهض من جديد.
فكل طفل يشعر أنه محبوب بلا شروط…
هو طفل يملك فرصة حقيقية للشفاء.

تعليقات